أعاد قرار ناميبيا، الأسبوع الماضي، ذبح 723 حيوانا بريا من أجناس مختلفة “الفيل والجاموس والحمار الوحشي والنو الأزرق” من أجل إطعام آلاف الأشخاص الذين يعانون الجوع، وتخفيف الضغط على المراعي التي يقوضها توالي مواسم الجفاف، مخاوف انتعاش تجارة العاج في العالم إلى الواجهة.
يزكي ذلك تراجع جارتها الشرقية بوتسوانا، قبل 4 أعوام، عن الحظر الذي فرضته عام 2014 على صيد الأفيال في البلاد، التي تعد موطنا لنحو 1.3 من الفيلة في العالم، بعدما باتت تهدد الموارد الطبيعية، ما دفعها إلى منح الآلاف منها لدول أخرى، مثل أنغولا وموزمبيق.
رغم توقيع 182 دولة، عام 1989، على اتفاقية “سايتس” لمنع الاتجار في العاج، ودخولها حيز التنفيذ بعد ذلك بعام واحد. لا يزال العاج “تلك المادة البيضاء الصلبة الموجودة في أنياب الفيلة وأفراس النهر” سلعة نادرة، ومطلوبة بشدة على الصعيد العالمي.
يؤدي السعي وراء العاج بحياة الآلاف من الحيوانات سنويا، وتفيد دراسة لنظام معلومات تجارة الأفيال “ETIS” أن نحو 170 ألف فيل قتلوا خلال 10 أعوام، ما بين 2009 و2019، رغم الاتفاق الدولي على حظر هذه التجارة.
تتحدث دراسة للجمعية الجغرافية الأمريكية عن أن أكثر من 100 ألف فيل، قتلت منذ 2010، ما أدى إلى انخفاض حاد في أعدادها بالقارة الإفريقية. ذلك ما أكده تقرير الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعية “IUCN”، في عام 2020، بعد تسجيله انخفاضا بنسبة 30 % خلال 7 أعوام فقط.
تجاوزت أعداد الفيلة في إفريقيا 26 مليون بداية القرن العشرين بحسب تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، لكن الصيد الجائر لا سيما في الكاميرون والكونغو والغابون وفي الشرق الإفريقي خصوصا تنزانيا، بدأ يقلص حجم القطيع حتى وصل إلى أقل من نصف مليون فيل.
يبلغ سعر الطن الخام من “الذهب الأبيض” نحو مليون دولار، ويرتفع بعد التصنيع إلى 5.5 مليون دولار. وتقدر تحقيقات حجم التجارة السنوية للعاج بنحو 3 مليارات دولار، حيث يباع الكيلوجرام الواحد منه في أسواق شرق آسيا بأكثر من ألف دولار.
تمتلك الصين أكبر الأسواق استهلاكا للعاج في العالم، فالخبراء يعتقدون أن نحو 70 % من العاج ينتهي هناك. ويرتبط ذلك بمعتقدات محلية تقرن العاج بالمكانة الاجتماعية المرموقة، وأخرى تظن أن امتلاك العاج يجلب الحظ السعيد، فضلا عن حضوره القوي في وصفات الطب الصيني التقليدي.
لم يمنع الحظر الصيني للاتجار في العاج عام 2017 السعي وراء امتلاكه، فهو رابع تجارة في قائمة الأنشطة التجارية غير المشروعة في العالم، بحسب تقرير لصندوق الدولي لحماية الحيوانات. فالمخزون غير القانوني من العاج في الصين، يتجاوز بكثير الكمية المسموح بشرائها؛ 62 طنا من العاج الإفريقي المصادر، بموجب اتفاقية التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض.
سمحت الثغرات القانونية في الصين وبريطانيا وسنغافورة، وحتى في دول الاتحاد الأوروبي بالاتجار في العاج الذي يعود إلى ما قبل عام 1947، والذي حول إلى أعمال فنية، باستمرار هذه التجارة المربحة التي تهدد بكارثة حقيقية لو استمرت.
تحدثت أحدث دراسة في مجلة “بلوس وان” بتاريخ 24 أبريل الماضي، عن تسبب الصيد غير القانوني بخسارة في أعداد الفيلة بنسبة 8 % كل عام، ما يعني انقراض الفيل الإفريقي في غضون 100 عام.
توشك الحرب المفتوحة على تجارة العاج، لأكثر من ربع قرن، على الانتهاء، لتخرج الفيلة من قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض، وذلك بفضل أحدث التطورات التكنولوجية، فقد نجح فريق من الباحثين في جامعتي “لانكستر” و”بريستول” البريطانيتين في ابتكار آلية فعالة تعتمد أشعة الليزر لتمييز العاج القانوني “عاج الماموث” من عاج الفيلة غير القانوني.
يرجح أن تقوض التقنية المبتكرة حديثا أعمال المجموعات النشيطة في الصيد غير المشروع للفيلة في القارتين الإفريقية والآسيوية، فبالنسبة لهؤلاء القيمة الأكبر في أنياب الفيل الميت أكثر من الفيل الحي الذي قد يدفع السياح بعض الدولارات للتمتع برؤيته.