أعلنت العلا عن افتتاح فندق دار طنطورة “ذا هاوس هوتيل”، الفندق الفاخر الصديق للبيئة، حيث استقبل الفندق رسمياً أول ضيوفه خلال الشهر الجاري.
ويضم الفندق والذي تشرف على إدارته شركة “كيرتن” للضيافة 30 غرفة فندقية، ويتميز بموقعه في قلب بلدة العلا القديمة التي تعود أبنيتها المتراصّة المصنوعة من الطين والطوب الحجري إلى القرن الثاني عشر الميلادي، وتحيط بقلعة أثرية تعود إلى القرن العاشر.
كما تمّ تصميم الفندق الصديق للبيئة بالتعاون مع المهندسة المعمارية العالمية شهيرة فهمي، حيث استخدم في البناء ذات المواد والتقنيات المعمارية المستخدمة في منازل البلدة القديمة، والبالغ عددها 900 منزلاً من الطوب. ويتكون الفندق من مبان تقليدية مصنوعة من الطين أعيد بناءها باستخدام الأدوات التقليدية مع مراعاة دمجها بالتقنيات الهندسية الحديثة.
ويضم الفندق 30 غرفة، تم تصميمها على الطريقة التراثية التقليدية في بناء منازل العلا قديماً، حيث تم الاعتماد بشكل أساسي على تحقيق عناصر الاستدامة في مختلف تفاصيل البناء والتطوير للمباني التي يضمها ليكون الوحيد من نوعه في العالم والذي تم استخدام هذه التقنية المستدامة في بناءه. يشمل الفندق أيضاً مطعماً ومقهى ونادياً صحياً ضمن مختلف المرافق، وتضاء أروقته بالشموع، مع استخدام أنظمة الري والتهوية المصممة خصيصاً لتقليل استهلاك الطاقة والأثر البيئي. وهذا ما عمل عليه فريق المهندسة شهيرة فهمي بالتعاون مع الدكتور منير نعمة الله، مؤسس شركة “نوعية البيئة الدولية للاستشارات التنموية”.
وقد حظيت المهندسة المعمارية المصرية شهيرة فهمي، الحاصلة على زمالة جامعة هارفارد، بإشادة دار فايدون للنشر كواحدة من المعماريات “اللاتي يبنين الرؤية العربية المستقبلية” كما ظهرت ضمن تصنيف المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين “ريبا” لأفضل 100 مهندسة معمارية. وعملت شهيرة بشكل وثيق مع فرق الترميم المتخصصة والخبراء المحليين لاستعادة طابع أبنية القرن الثاني عشر والتي يبنى الفندق على أساسها، حيث تمّ الحفاظ على الجدران الأصلية المصنوعة من الطوب والهياكل الحجرية والنوافذ والجداريات التاريخية.
كما تتزين جدران فندق دار طنطورة ذا هاوس، وأبنية بلدة العلا القديمة ككل، بجداريات كانت تُرسم تقليدياً كهدية زفاف للمتزوجين حديثاً لتزيين منزلهم الجديد. وتعكس هذه الجداريات الاحتفالية قصصاً عن النباتات والحيوانات المحلية والأدوات المنزلية والعادات الاحتفالية من خلال خطوطٍ ورموزٍ خاصة، إلى جانب الزخارف المبهجة. وعملت فهمي وفريقها على استخدام أصباغ طبيعية لإعادة إحياء هذه السرديات الفنية التي تعكس الثقافة المتغيرة وتأثيرها الكبير.
ويضم الفندق مطعم “جونتوز” الذي يحرص على استخدام المكونات المحلية من خلال بناء شبكة موردين من المزارعين في العلا والالتزام بعدم وجود أي هدر في تحضير الطعام. تشمل المنتجات المتوفرة في الواحة المحيطة مجموعة واسعة من الحمضيات والتمور والمانجو والرمان، إضافة إلى تشكيلة الخضروات، وذلك ضمن إطار برنامج تدريب زراعي يتيح للمزارعين المحليين أن يكونوا جزءاً من سلسلة الإمداد الغذائي مع نمو قطاع الضيافة في العلا.
ويستمد دار طنطورة اسمه من طنطورة العلا، المزولة الشمسية التقليدية التي توجد عند مدخل الفندق، والتي كانت تُعد ضابطاً للوقت لعدة قرون، حيث حددت وتيرة الحياة اليومية والإيقاع الثقافي لبلدة العلا القديمة، على أساس المواسم الزراعية. وبذلك تم تصميم الفندق بما يتماشى مع الفصول المتغيرة وتنظيم درجة الحرارة.
ويعكس تصميم الفندق نمط الحياة المنزلية التقليدية في بلدة العلا القديمة، حيث خُصص الطابق الأرضي كمكان عمل ولقاء العائلة والأصدقاء، بينما كان الطابق الأول لغرف النوم والحمامات. وتم تصميم التراسات وأسطح المنازل والمسبح اللامتناهي ليتيح الاستمتاع بمناظر الواحة الخلابة والصخور المحيطة ومشاهدة النجوم ليلاً.
ويبرز التراث الفني والثقافي للعلا في بناء فندق دار طنطورة وتصميمه. كما تُعرض في الفندق أعمال طلاب مدرسة الديرة من العلا، وهي أول مدرسة تهدف للحفاظ على الحِرف اليدوية وطرق صناعتها بين أهالي المدينة ونقلها إلى سياقٍ معاصر. وتُعرض حالياً ثلاثة أعمال فنية بإشراف “كرييتف ديالوق” وأعمال جريجوري تشاتونسكي الفنية التي تتضمن السدو، وهي تقنية التطريز البدوية التقليدية باستخدام شعر الإبل المصبوغ المنسوج يدويًا والتي تأخذ أشكالاً هندسية مميزة على مجموعة متنوعة من المنسوجات.
يذكر أن بلدة العلا القديمة كانت مأهولةً بالسكان حتى ثمانينيات القرن الماضي، حيث غادرها سكانها للانتقال إلى مساكن حديثة متصلة بالكهرباء. وسبق أن عاش بعض موظفي فندق دار طنطورة ذا هاوس هناك بتاريخ عائلي يعود إلى عدة قرون في البلدة القديمة. ومثال ذلك صانعة الخبز في الفندق وهي من مواليد العلا، نشأت في أحد المنازل الطينية والحجرية في البلدة القديمة حيث كانت تصنع الخبز لعائلتها. وتروي كيف كان يعيش المجتمع في ذلك الوقت حيث كان الطابق الأول مخصصاً للعائلات بينما كان الطابق الأرضي مخصصاً للدجاج.
يحتفي الفندق بتقاليد وعادات بلدة العلا القديمة، مثل احتفال الطنطورة، وهو الاحتفال الثقافي السنوي المتوارث منذ أجيال. ويقام هذا الاحتفال المجتمعي، الذي يشمل العديد من الفعاليات والأنشطة التقليدية، في 21 ديسمبر من كل عام حيث يشير إلى بداية فصل الشتاء والطقس المعتدل وبداية مهرجان شتاء طنطورة، المهرجان الثقافي والموسيقي الأشهر في المنطقة.
يقع فندق دار طنطورة ذا هاوس في قلب العلا، على مسافة قصيرة من سوق طريق البخور وحي الجديدة للفنون والواحة، ويتمتع بموقع مثالي لمحبي التجوال والاستكشاف سيرًا على الأقدام. ويتوفر عدد من المتاجر الفاخرة في جميع أنحاء البلدة حيث يمكن الحصول على الهدايا التذكارية والقطع الفنية والأزياء المصنوعة محلياً؛ في حين تقدم المطاعم، مثل طاولة فايزة، وسموير، وسهيل، ومطعم قلب الواحة، مزيجاً من المأكولات المحلية والأطباق العالمية في أجواء استثنائية.
يُذكر أن مدينة العلا تتميز بموقعها الجغرافي منذ القدم على طريق البخور التجاري الرئيسي الشهير، مع تاريخٍ يمتد 7 آلاف عام من الحضارات المتعاقبة. وقد تمّ بناء بلدة العلا القديمة كمركز المدينة الجديد في الفترة الإسلامية، بالقرب من واحةٍ من أشجار النخيل محاطةً بعدد من الآبار، لتكون محطةً هامةً على طريق الحجاج إلى مكة.
ويمكن للراغبين بمعرفة المزيد عن تاريخ العلا وتراثها الفريد حجز جولة برفقة الرواة إلى مجموعة من مواقع التراث الثقافي القريبة مثل الحِجر ودادان وجبل عكمة. كما يمكن الاستمتاع بتقويم غني من الفعاليات المقامة في جميع أنحاء العلا والتي تمتد على مدار العام بما في ذلك مهرجان شتاء طنطورة ومهرجان فنون العلا وفعالية أزِمُث ومهرجان سماء العلا ومهرجان العلا للاستجمام والاسترخاء ومهرجان الممالك القديمة.